يقول الله تبارك وتعالى في سورة الحجر (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ﴿٨٠﴾) هذه الآية هي الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي سمّى الله عز وجلّ بها قوم صالح عليه السلام بـ(أصحاب الحجر) أما في بقية القرآن الكريم فإن الله تبارك وتعالى سماهم بـ(ثمود) كما قال الله عز وجلّ (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا) جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذر أن يصيبكم مثل ما أصابهم" اختلف أهل التأويل في لفظ الحجر: فذهبت طائفة إلى أنه اسم للوادي الذي يسكنونه. وذهبت طائفة أخرى إلى أنه اسم للمدينة. وسُمّيت ثمود بـ(أصحاب الحجر) لأن ديارهم كانت منحوتة في الجبال فكانت حِجرًا محجورًا من أيّ عدو يتربص بهم فجاء هذا الاسم منسجمًا مع موضوع سورة الحجر حيث تناولت سورة الحجر موضوع الحفظ فالمحور العام للسورة هو الحفظ لمن حفظه الله عز وجلّ فقد حفظ الله تبارك وتعالى كتابه كما قال الله عز وجلّ (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾) وحفظ الله عز وجلّ سماءه كما قال (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴿١٧﴾) وحفظ الله عز وجلّ نبيه عليه السلام من أعدائه المشركين كما قال الله عز وجلّ (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ﴿٩٥﴾) أما من أراد الله عز وجلّ عذابه وعقابه وهلاكه فإنه مهما فعل من الاحتياطات والتدابير الأمنية وتوخي الحذر فإنه لن يغنه ذلك من عذاب الله شيئا. ومن جملة هؤلاء قوم ثمود الذين اتخذوا الحجر مسكنًا لهم فظنوا أنهم بمعزل من عذاب الله عز وجلّ وبمفازة من عقابه وأليم سُخطه فجاءهم العذاب في عقر دارهم كما قال الله تبارك وتعالى (وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آَمِنِينَ ﴿٨٢﴾ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ ﴿٨٣﴾) فلم يغنهم الحِجر وهذا الحفظ لأنفسهم من عقاب الله عز وجلّ وحاق بهم العذاب في عقر دارهم كما قال الله عز وجلّ (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴿٨٤﴾) وهذه من لطائف القرآن الكريم والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
- د. صالح بن عبد الله التركي